عالج الرافعيُّ الشعر، وكابد لأواء قوله، ثم تصدى لنقده وفلسفته، فكان بصيرًا به، عارفًا بمنازعه، خبيرًا بتمييز جيده من رديئه، افتنَّ في الكشف عن أسراره والتدسُّس إلى خوافيه، ونصب الموازين للشعراء، يحاسبهم بمثاقيل النغم، ويحصي عليهم هفوات الحرف وعثرات الذهن وكبوات القوافي، ويدلُّ مقتدرًا على مواضع إحسانهم ومواطن زللهم، ببيان عالٍ، وحجَّة حاضرة، وظرفٍ مطبوع، وأخذٍ يترفَّق تارة ويبطش أخرى. يستمدُّ ذلك من علم غزير بالتراث البلاغي، ومن اطلاع واسع على كتب صناعة الشعر ونقده، ومن إلمام مفصَّل بتاريخ الأدب ...